فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والتعريف في {الساعة} للعهد وهي ساعة البعث. أي زمان البعث كما عبر عنه باليوم.
وقرأ الجمهور {والساعة لا ريب فيها} برفع {الساعة} عطف على جملة {إن وعد الله حق}.
وقرأه حمزة وحده بنصب {والساعة} عطفًا على {إن وعد الله} من العطف على معمولي عامل واحد.
ومعنى {ما ندري ما الساعة} ما نعلم حقيقة الساعة ونفي العلم بحقيقتها كناية عن جحد وقوع الساعة. أي علمنا أنها لا وقوع لها. استنادًا للتخيلات التي ظنوها أدلةً كقولهم: {أإذا كنا عظامًا ورفاتًا إنا لمبعوثون خلقًا جديدًا} [الإسراء: 49].
وقوله: {إن نظن إلا ظنًا} ظاهر في أنه متصل بما قبله من قولهم: {ما ندري ما الساعة}. ومبين بما بعده من قوله: {وما نحن بمستيقنين} وموقعه ومعناه مشكل. وفي نظمه إشكال أيضًا.
فأما الإشكال من جهة موقعه ومعناه فلان القائلين موقنون بانتفاء وقوع الساعة لما حُكي عنهم آنفًا من قولهم: {ما هي إلا حياتنا الدنيا} [الجاثية: 24] الخ فلا يحق عليهم أنهم يظنون وقوع الساعة بوجه من الوجوه ولواحتِمالًا.
ولا يستقيم أن يطلق الظن هنا على الإيقان بعدم حصو له فيعضِل معنى قولهم {إن نظن إلا ظنًا}. فتأوله الفخر فقال: إن القوم كانوا فريقين. وأن الذين قالوا {إن نظن إلا ظنًا} فريق كانوا قاطعين بنفي البعث والقيامةِ وهم الذين ذكرهم الله في الآية المتقدمة بقوله: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا} [الجاثية: 24].
ومنهم من كان شاكًا متحيرًا فيه وهم الذين أراد الله بهذه الآية. اهـ.
وأقول: هذا لا يستقيم لأنه لوسلم أن فريقًا من المشركين كانوا يشكون في وقوع الساعة ولا يجزمون بانتفائه فإن جمهرة المشركين نافون لوقوعها فلا يناسب مقامَ التوبيخ تخصيصُه بالذين كانوا مترددين في ذلك.
والوجه عندي في تأويله: إما يكون هذا حكاية لاستهزائهم بخبر البعث فإذا قيل لهم: {الساعة لا ريب فيها} قالوا استهزاء {ما نظنّ إلاّ ظنًّا}. ويدل عليه قوله عقبه {وحاقَ بهم ما كانوا به يستهزئون} [الجاثية: 33].
وتأوله ابن عطية بأن معناه إن نظن بعدَ قبو ل خبركم إلا ظنًّا وليس يعطينا يقينًا. اهـ. أي فهو إبطالهم لخصوص قول المسلمين: الساعة لا ريب فيها.
وأما إشكاله من جهة النظم فمرجع الإشكال إلى استثناء الظن من نفسه في قوله: {إن نظن إلا ظنًا} فإن الاستثناء المفرغ لا يصح أنْ يكون مفرغًا للمفعول المطلق لأنتفاء فائدة التفريع.
والخلاصُ من هذا ما ذهب إليه ابن هشام في (مغني اللّبيب) أن مصحح الاستثناء الظن من نفسه أن المسْتثنَى هو الظن الموصوفُ بما دل عليه تنكيره من التحقير المشعرِ به التنوينُ على حد قول الأعشى:
أحل به الشيب أثْقاله ** وما اغتره الشيبُ إلا اغترارا

أي. إلا ظنًا ضعيفًا.
ومفعولا {نظن} محذوفان لدليل الكلام عليهما.
والتقدير: إن نظن الساعةَ واقعة.
وقولهم: {وما نحن بمستيقنين} يفيد تأكيد قولهم {ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنًا}. وعطفه عطف مرادف. أي للتشريك في اللفظ.
والسين والتاء في {بمستيقنين} للمبالغة في حصو ل الفعل. اهـ.

.تفسير الآيات (33- 37):

قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيات اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا ولا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) ولهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وهو الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما وصلوا إلى حد عظيم من العناد. التفت إلى أسلوب الغيبة إعراضًا عنهم إيذانًا بشديد الغضب فقال تعالى: {وبدا} أي ولم يزالوا يقولون ذلك إلى أن بدت لهم الساعة بما فيها من الأوجال. والزلازل والأهوال. وظهر {لهم} غاية الظهور {سيئات ما} ولما كان السياق للكفرة. وكانوا مؤاخذين بجميع أعمالهم فإنه ليس لهم أساس صالح يكون سببًا لتكفير شيء مما تقلبوا فيه ولم يقتض السياق خصوصًا مثل الزمر. عبر بالعمل الذي هو أعم من الكسب فقال: {عملوا} فتمثلت لهم وعرفوا مقدار جزائها واطلعوا على جميع ما يلزم على ذلك {وحاق بهم} أي أحاط على حال القهر والغلبة. قال أبو حيان: ولا يستعمل إلا في إلا في المكروه.
{ما كانوا} جبلة وخلقًا {به يستهزءون} أي يوجدون الهزء به على غاية الشهوة واللذة إيجاد من هو طالب لذلك {وقيل} أي لهم على قطع الأحوال وأشدها قولا لا معقب له. فكأنه بلسان كل قائل: {اليوم ننساكم} أي نفعل معكم بالترك من جميع ما يصلحكم فعل المنسي الذي نقطع عنه جميع إحساننا فيأتيه كل شر {كما نسيتم} وأضاف المصدر إلى ظرفه لما فيه من الرشاقة والبلاغة فقال تعالى: {لقاء يومكم هذا} أي الذي عملتم في أمره عمل الناسي له. ومن نسي لقاء اليوم نسيء لقاء الكائن فيه بطريق الأولى. وقد عابهم الله سبحانه تعالى بذلك أشد العيب لأن ما عملوه ليس من فعل الحزمة أن يتركوا ما ضرره محتمل لا يعتدون له. وإنما هذا فعل الحمق الذين هم عندهم أسقال لا عبرة لهم ولا وزن لهم. وعبر بالنسيان لأن علمه مركوز في طبائعهم. وعبر في فعله بالمضارع ليدل على الاستمرار. وفي فعلهم بالماضي ليدل على أن من وقع منه ذلك وقتًا ما وإن قل كان على خطر عظيم بتعريض نفسه لاستمرار الإعراض عنه.
ولما كان تركه على هذا الحال يلزم منه استمرار العذاب. صرح به إيضاحًا له لئلا يظن غير ذلك. فقال مبينًا لحالهم: {ومأواكم النار} ليس لكم براح عنها أصلًا. لأن أعمالكم أدخلتكموها. ولا يخرج منها إلا من أذنا في إخراجه. نحن قد جعلناكم في عداد المنسي فلا يكون من قبلنا لكم فرج {وما لكم} في نفس الأمر سواء أفكرتم وأنتم مكذبون في مدافعة هذا اليوم أوتركتموه ترك المنسي {من ناصرين} ينقذونكم من ذلك بشفاعة ولا مقاهرة.
ولما ذكر جزاءهم على ما هو الحق المساوي لأعمالهم طبق الفعل بالفعل. علله بما لزم على أعمالهم فقال: {ذلكم} أي العذاب العظيم {بأنكم اتخذتم} أي بتكليف منكم لأنفسكم وقسر على خلاف ما أدى إليه العقل. وجاءت به الرسل. وساعدت عليه الفطر الأول {آيات الله} أي الملك الأعظم الذي لا شيء أعظم منه {هزوًا} أي جعلتموها عين ما أنزلت للإبعاد منه {وغرتكم} لضعف عقولكم {الحياة الدنيا} أي الدنية فاثرتموها لكونها حاضرة وأنت كالبهائم لا يعدونظركم المحسوس فقلتم: لا حياة غيرها ولا بعث ولا حساب. ولوتعقلتم وصفكم لها لأداكم إلى الإقرأر بالآخرى.
ولما أوصلهم إلى هذا الحد من الإهانة. سبب عنه زيادة في إهانتهم وتلذيذًا لأوليائه الذين عادوهم فيه وإشماتًا لهم بهم: {فاليوم} بعد إيوائهم فيها {لا يخرجون} بمخرج ما {منها} لأن الله لا يخرجهم ولا يقدر غيره على ذلك {ولا هم} خاصة {يستعتبون} أي يطلب من طالب ما منهم الإعتاب. وهو الاعتذار بما يثبت لهم العذر ويزيل عنهم العتب الموجب للغضب بعمل من الأعمال الصالحات لأنهم في دار الجزاء لا دار العمل.
ولما أثبت سبحانه بعده بإثبات الآيات المرئية والمسموعة وإعزاز أوليائه وإدلال أعدائه من غير مبالاة بشيء ولا عجز عن شيء مع الإحاطة التامة بكل شيء قدرة وعلمًا. تسبب عن ذلك حتمًا قوله تعالى: {فللّه} أي الذي له الأمر كله {الحمد} أي الإحاطة بجميع صفات الكمال.
ولما أبان سبحانه أن ذلك ثابت له لذاته لا لشيء آخر. أثبت أنه لا بالإحسان والتدبير فقال تعالى: {رب السماوات} أي ذات العلو والاتساع والبركات.
ولما كان السياق لإثبات الاختصاص بالكمال. وكانوا قد جعلوا له سبحانه ما دل على أنهم لا شبهة لهم في عبادتهم بحصر أمرهم في الهوى. أعاد ذكر الرب تأكيدًا وإعلامًا أن له في كل واحد من الخافقين أسرارًا غير ما له في الآخر. فالتربية متفاوتة بحسب ذلك. وأثبت العاطف إعلامًا بأن كمال قدرته في ربوبيته للأعلى والأسفل على حد سواء دفعًا لتوهم أن حكمه في الأعلى أمكن لتوهم الاحتياج إلى مسافة فقال تعالى: {ورب الأرض} أي ذات القبو ل للواردات.
ولما خص الخافقين تنبيهًا على الاعتبار بما فيهما من الآيات لظهورها. عم تنبيهًا على أن له وراء ذلك من الخلائق ما لا يعلمه إلا لله سبحانه وتعالى فقال مسقطًا العاطف لعدم الاحتياج إليه بعد إثبات استواء الكونين الأعلى والأسفل في حكمه من حيث العلم والقدرة للتنزه عن المسافة. وذلك لا يخرج عنه شيء من الخلق لأنه إما أن يكون علويًا أوسفليًا {رب العالمين} فجمع ما مفرده يجل على جميع الحوادث لأن العالم ما سوى الله.
تنبيهًا على أصنافه وتصريحًا بها وإعلامًا بأنه أريد به مدلو له المطابقي لا البعض بدلالة التضمن. وأعاد ذكر الرب تنبيهًا على أن حفظه للخلق وتربيته لهم ذوألوان بحسب شؤون الخلق. فحفظه لهذا الجزء على وجه يغاير حفظه لجزء آخر. وحفظه للكل من حيث هو كل على وجه يغاير حفظه لكل جزء على حدته. مع أن الكل بالنسبة إلى تمام القدرة على حد سواء.
ولما أفاد ذلك غناه الغنى المطلق وسيادته وأنه لا كفوء له. عطف عليه بعض اللوازم لذلك تنبيهًا على مزيد الاعتناء به لدفع ما يتوهمونه من ادعاء الشركة التي لا يرضونها لأنفسهم فقال: {وله} أي وحده {الكبرياء} أي الكبر الأعظم الذي لا نهاية له: {في السماوات} كلها {والأرض} جميعها اللتين فيهما آيات للمؤمنين. روى مسلم وأبوداود وابن ماجة عن أبي هريرة ومسلم عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما أدخلته النار». وفي رواية: «عذبته». وفي رواية: «قصمته».
{وهو} وحده {العزيز} الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء {الحكيم} الذي يضع الأشيئاء في أتقن مواضعها ولا يضع شيئًا إلا كذلك كما أحكم أمره ونهيه وجميع شرعه. وأحكم نظم هذا القرآن جملًا وآيات. وفواصل وغايات. وبعد أن حرر معانيه وتنزيله جوابًا لما كانوا يعتنون به. فصار معجزًا في نظمه ومعناه وإنزاله طبق أجوبة الوقائع على ما اقتضاه الحال. فانطبق آخِرها على أولها بالصفتين المذكورتين. وبالحث على الاعتبار بآيات الخافقين. والتصريح بما لزم ذلك من الكبرياء المقتضية لإذلال الأعداء وإعزاز الأولياء- والله الهادي إلى الصواب وإله المرجع والماب- والله أعلم بمراده. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم قال تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ} أي في الآخرة {سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ} وقد كانوا من قبل يعدونها حسنات فصار ذلك أول خسرانهم {وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ} وهذا كالدليل على أن هذه الفرقة لما قالوا {إن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا} إنما ذكروه على سبيل الاستهزاء والسخرية. وعلى هذا الوجه فهذا الفريق شر من الفريق الأول. لأن الأولين كانوا منكرين وما كانوا مستهزئين. وهذا الفريق ضموا إلى الإصرار على الأنكار الاستهزاء.
ثم قال تعالى: {وَقِيلَ اليوم نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا} وفي تفسير هذا النسيان وجهان الأول: نترككم في العذاب كما تركتم الطاعة التي هي الزاد ليوم المعاد الثاني: نجعلكم بمنزلة الشيء المنسي غير المبالى به. كما لم تبالوا أنتم بلقاء يومكم ولم تلتفتوا إليه بل جعلتموه كالشيء الذي يطرح نسيًا منسيًا. فجمع الله تعالى عليهم من وجوه العذاب الشديد ثلاثة أشيئاء فأولها: قطع رحمة الله تعالى عنهم بالكلية وثانيها: أنه يصير مأواهم النار وثالثها: أن لا يحصل لهم أجر من الأعوان والأنصار. ثم بيّن تعالى أنه يقال لهم إنكم إنما صرتم مستحقين لهذه الوجوه الثلاثة من العذاب الشديد؛ لأجل أنكم أتيتم بثلاثة أنواع من الأعمال القبيحة فأولها: الإصرار على إنكار الدين الحق وثانيها: الاستهزاء به والسخرية منه. وهذان الوجهان داخلأن تحت قوله تعالى: {ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوًا} وثالثها: الاستغراق في حب الدنيا والإعراض بالكلية عن الآخرة. وهو المراد من قوله تعالى: {وَغَرَّتْكُمُ الحياة الدنيا}.
ثم قال تعالى: {فاليوم لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا} قرأ حمزة والكسائي {يُخْرَجُونَ} بفتح الياء. والباقون بضمها {ولاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} أي ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم. أي يرضوه. ولما تم الكلام في هذه المباحث الشريفة الروحانية ختم السورة بتحميد الله تعالى. فقال: {فَلِلَّهِ الحمد رَبِّ السموات وَرَبِّ الأرض رَبّ العالمين} أي فاحمدوا الله الذي هو خالق السموات والأرض. بل خالق كل العالمين من الأجسام والأرواح والذوات والصفات. فإن هذه الربوبية توجب الحمد والثناء على كل أحد من المخلوقين والمربوبين.
ثم قال تعالى: {ولهُ الكبرياء فِي السموات والأرض} وهذا مشعر بأمرين أحدهما: أن التكبير لابد وأن يكون بعد التحميد. والإشارة إلى أن الحامدين إذا حمدوه وجب أن يعرفوا أنه أعلى وأكبر من أن يكون الحمد الذي ذكروه لائقًا بإنعامه. بل هو أكبر من حمد الحامدين. وأياديه أعلى وأجل من شكر الشاكرين والثاني: أن هذا الكبرياء له لا لغيره. لأن واجب الوجود لذاته ليس إلا هو.
ثم قال تعالى: {وَهوالعزيز الحكيم} يعني أنه لكمال قدرته يقدر على خلق أي شيء أراد. ولكمال حكمته يخص كل نوع من مخلوقاته باثار الحكمة والرحمة والفضل والكرم. وقوله: {وَهوالعزيز الحكيم} يفيد الحصر. فهذا يفيد أن الكامل في القدرة وفي الحكمة وفي الرحمة ليس إلا هو. وذلك يدل على أنه لا إله للخلق إلا هو. ولا محسن ولا متفضل إلا هو.
قال مو لأنا رضي الله عنه: تمّ تفسير هذه السورة يوم الجمعة بعد الصلاة الخامس عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وستمائة. والحمدلله حمدًا دائمًا طيبًا مباركًا مخلدًا مؤبدًا. كما يليق بعلوشأنه وباهر برهانه وعظيم إحسانه. والصلاة على الأرواح الطاهرة المقدسة من ساكني أعالي السموات. وتخوم الأرضين. من الملائكة والأنبياء والأولياء والموحدين. خصوصًا على سيدنا ونبينا محمد واله وصحبه أجمعين. اهـ.

.قال ابن عطية:

وقوله تعالى: {وبدا لهم} الآية حكاية حال يوم القيامة.
{وحاق} معناه: نزل وأحاط وهي مستعملة في المكروه. وفي قوله: {ما كانوا} حذف مضاف تقديره: جزاء ما كانوا. أي عقاب كونهم {يستهزئون}.
{وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (34)}.
{ننساكم} معناه: نترككم كما تركتم لقاء يومكم هذا. فلم يقع منكم استعداد له ولا تأهب. فسميت العقوبة في هذه الآية باسم الذنب. والمأوى: الموضع الذي يسكنه الإنسان ويكون فيه عامة أوقاته أوكلها أجمع. و: {آيات الله} لفظ جامع لآيات القرآن وللأدلة التي نصبها الله تعالى لينظر فيها العباد.
وقرأ أكثر القراء: {لا يُخرَجون} بضم الياء المنقوطة من تحت وفتح الراء. وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب والأعمش والحسن: {يَخرُجون} بإسناد الفعل إليهم بفتح الياء وضم الراء. و: {يستعتبون} تطلب منهم مراجعة إلى عمل صالح.